كيف قرأتُ أحداث البحرين؟
علي داود اللواتي
ملاحظة:عذرا على التكرار في بعض الأفكار، لأن الموضوع عبارة عن تجميع لعدد من تعليقاتي في حوارات مع بعض الأخوة على الفيسبوك.
***
سبحان الله البعض يصدّق الإعلام الرسمي البحريني ولم يكن مستعدًا لتصديق الإعلام الرسمي المصري والتونسي والليبي، فعندما يقول الاعلام البحريني الرسمي أنّ هناك طائفيّة فهو حق، وعندما قال الاعلام المصري الرسمي ان الثوار مخربين فهو باطل. سبحان الله وكأنّ المطالبة بإسقاط النظام بعد الهجوم على دوار اللؤلؤة ومحاسبة المسؤولين شيء غير معقول وغير منطقي أبدا، وكأن الثوار في مصر وتونس لم يطالبوا بذلك قطعًا. سبحان الله أصبحت السعودية والإمارات مسكينة وبريئة وكأنها مغسّلة بماء الزمزم، وكأن السعودية لم تكن سبّاقة في اقتراح تقديم مدد عسكري بدل الحث على الحوار قبل تصاعد الأزمة الى هذه الدرجة في البحرين. سبحان الله أصبحت الصور التي يعرف حتى الطفل أنه يمكن التلاعب بها بالفوتوشوب دليلا جازما وواضحا وضوح الشمس على خيانة الوطن والولاء للغير. سبحان الله أصبح البحرينيون مخرّبون وطائفيّون وكأنه لايوجد هناك أي ظلم أو سلب حقوق من الأساس فهم ما شاء الله يمثّلون أغلبية البرلمان بحكم عددهم والجيش والأمن مملوء بهم. مالكم كيف تحكمون؟!!
***
سبحان الله أصبح كلّ شيعي يطالب بحقوقه موالي لإيران ويرفع أجندة ايرانية. سبحان الله أصبحت الأحداث في البحرين وليدة اليوم والأمس، وكأنه ليس هناك سلب للحقوق وليس هناك محاولات لتغيير الشعب وليس هناك عدم ثقة الحكومة بغالبية الشعب. لنفرض ونسلّم جدلاً أن أغلبيّة الشعب البحريني طائفيّ وموالي لإيران ويريد أن يندمج مع ايران ويريد نظام ولاية الفقيه: ماذا نفعل بهم؟ نقتّلهم وننسفهم؟ هم الأغلبية وهم من يقرّر مصيرهم بأنفسهم، هكذا تقول الديمقراطية التي كنتم تتغنّون بها عندما كان الشعب التونسي والليبي والمصري يطالب بها، فلماذا تغيّرت المعادلة الآن؟ ولماذا تغيّر مفهوم (حقّ الشعب) و(حقوق الأغلبية) عندكم الآن؟. كل ما يمكن أن نفعله لو فرضنا وسلّمنا جدلاً أنّ الأغلبية توجّهاتها طائفيّة بحتة هو الحوار معهم لحفظ حقوق الأقليات وحرياتهم المذهبية والثقافية والسياسية فقط، لا أن نقتّلهم وننسفهم ونسكّتهم ونتسلّط عليهم غصبا عنهم، والى متى سيظلّ الجيش الأجنبي في البحرين؟ 3 أشهر؟ 30 سنة؟ هل هذا هو الحل؟ القتل والتسكيت أم النزول عند رأي الأغلبية وإعطائها حقوقها المشروعة ومطالبتها بإحترام حقوق الأقلية؟ مالكم كيف تحكمون؟!!
***
أين الدليل على أنّ ايران حرّضت البحرينيين؟ ولو هناك تحريض أين الدليل على أنّ البحرينيين خضعوا للتحريض الإيراني؟ هل رفض الحوار بعد الهجوم على دوار اللؤلؤ فجرًا وبتلك الوحشيّة وتهميش المطالب وسلب الحقوق أصبح تحريضًا ايرانيا وخضوعًا لتحريض ايراني؟.
***
انت تقرأ الاحداث بالمقلوب عزيزي.. حتى لو فرضنا أن المعتصمين في دوار اللؤلؤ كانوا جلبوا اسلحة معهم، والتي لم نسمع عنها وعن آثارها الا عن طريق الموالين للحكومة، متى تم الكشف عنها؟ بعد الاعتداء عليهم فجرا ام قبل الاعتداء؟. لا ايران ولا السعودية ولا الاسرة المالكة لها الكلمة الاولى.. الشعب هو الذي يتكلم وهو الذي يقرر.. وهو اذا كان يريد دستورية ملكية بالأغلبية ويريد اصلاح وحتى لو كان يريد اسقاط النظام من حقه ان يطالب بذلك.. واذا كنت تصدّق أنهم كانوا يحملون السلاح: فلأنهم يعرفون ان الحكومة ستهجم عليهم الفجر وهم نائمين وستقتل منهم سبعة وستشرد اطفالهم أم أنّك تريدهم ان يقدّموا خدّهم الثاني للجنود ليصفعوهم عليه أيضا بعد ان صفعوهم على الخدّ الأول؟. لاتنسى أن تاريخ الصراع في البحرين قديم.. يعني عندك مشكلة ان الجماعة حملوا السيوف وليست عندك مشكلة ان الحكومة هجمت عليهم الفجر؟. عندك مشكلة ان فيهم جنود جرحى وليست عندك مشكلة ان هناك متظاهرين ماتوا؟ سبحان الله.!!
***
قوات درع الجزيرة تدافع عن البحرين؟ دفاع عن ماذا؟ هل أنت ترى أنها تُدافع عن البحرين الآن؟ تُدافع عن البحرين مِمّن؟ من شعب البحرين؟ من غالبيّة شعب البحرين؟ ألم تشاهد تلك المقاطع للجرحى والشهداء؟ هل هم ايرانيّون؟ هل هم أجانب أتوا من خارج البلاد؟ السعودية والامارات داخلة لتسكيت شعب البحرين.. عفوا أغلبية شعب البحرين.. كيف تُقاتل أغلبيّة الشعب؟ كيف تُدافع عن بلد من أغلبيته ولو فرضنا أنهم طائفيّون وموالون؟ أين الديمقراطية ياحبيبي؟ أين التنازل عند رأي الأغلبية؟ هل الحل في التدخل العسكري والتسبب في المزيد من القتلى والجرحى أم التنازل لمطالب الأغلبيّة؟ ومن بدأ العنف؟ الشعب أم الحكومة؟ من هجم على الآخر أولاً؟ الشعب أم الحكومة؟. لنفرض أنّ القذافي كان تدخّل لحماية تونس بدعوى حماية دول شمال افريقيا (من القاعدة كما يدّعي الآن أن الثوار تحت تأثير القاعدة)، هل كنت ستقف معه وتؤيّده؟!.
***
اذا خرج الشيعة العمانيّون بالذات وبأغلبيّة بارزة في مسيرة لدعم الشعب البحريني فهم طائفيّون؟ حالة البحرين حالة فريدة.. الكل كان مع تونس ومصر وليبيا ولكن عندما جاءت الى البحرين تغيّرت نبرة الكثيرين فكان حريّا بشيعة عُمان الذين تربطهم رابطتي العقيدة والانسانية معا بالشعب البحريني المظلوم أن يتحرّك ولا شيء في ذلك.
***
مشكلتكم أنكم تغضّون البصر عن تاريخ البحرين السياسي، وتغضون البصر عن الحقوق المهمّشة والمسلوبة للغالبية الشيعية في البحرين، وتنظرون بعين واحدة وكأنّ ما يحصل في البحرين هو حصيلة اليوم أو الامس. قد تكون لإيران نوايا غير سليمة وقد يكون البعض موالي لإيران، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ السعودية مسكينة وبريئة ونواياها سليمة وأنها تمثّل عدالة الله على وجه الارض، ولا يعني أنّ الحكومة البحرينية مسكينة وبريئة ايضا. الحكومة البحرينية تريد أن تَحكم غصبًا عن ارادة الأغلبية وتتعامل مع الأغلبية التي تَحكمها وكأنهم لاثقة فيهم وليسوا مواطنينـ فكيف تكون هذه الحكومة شرعية أصلا؟ على أيّ أساس؟.. ولكن الطائفية والنظر بعين واحدة دائما لاترى أبعد من موضع القدم للأسف الشديد!!.
***
أنا شخصيًا لو أرى رجال أمن وشرطة وجيش أجانب مجنّسين وتمّ اعطائهم أسلحة وهراوات ليهجموا عليّ في بدايات الإعتصام في دوار اللؤلؤ (والذي كان سلميّا تماماً) ويقتلوا 7 اشخاص، والإعلام الرسمي يهمّشني باستمرار رغم أني جزء من أغلبية الشعب المطالب بالاصلاح والتغيير، ويحقق معي وفق معايير مذهبية طائفية، ويدعوني للحوار قبل محاسبة المتسبّبين في الهجوم والقتل.. انا شخصيا لم أكن لأستمرّ مناديًا سلمية سلمية بعد كل هذا.. تصوّر الموقف وكنْ واقعياً. الظاهر الآن أنّ الشعب البحريني كله يأخذ (حبوب هلوسة) ولذلك يقاوم القوات الأجنبية ويعتبرها محتلة وفوق هذا القوات الاجنبية والوطنية بدل أن تنسحب حقْنًا للدماء تواصل الكفاح المقدّس ضد هذا الشعب.
***
لا أحد وقف مع ايران ولا أحد قال أنّ ايران دولة ديمقراطية وانها دولة العدالة الخيالية التي كنا نحلم بها ونحن اطفال. لا أحد يتكلم عن ايران وعن نوايا ايران التوسّعية وقمعها للمتظاهرين والحرية السياسية في ايران. القضية الآن أنّ السعودية توجّهاتها طائفية بحتة وتعاملاتها الجارية مع الأحداث هي على أساس طائفي بحت ولذلك كانت سبّاقة في تقديم العون العسكريّ للبحرين في بداية الإعتصامات بدل حثّها على التعامل بسلمية وبإسلوب الحوار مع المعتصمين.، ودرع الجزيرة الذي تتمسّك به على أساس القوميّة الواهية مصنوع لحماية الخليج من أيّ تدخل عسكري خارجي (وفق ما قاله أعضاء من برلمان الكويت) والى الآن لا أحد يستطيع أن يثبت أنّ ايران تدخّلت (عسكريّا) في البحرين. القوات الأجنبية في البحرين الآن تقاتل شعب البحرين وليس أجانب يحملون السلاح من الخارجـ ولو كانت ايران متدخّلة فعلا لكان فئران السعودية هربوا من أول يوم.
***
قضية الطائفيّة في البحرين الآن مصدرها التلفزيون الرسمي واذا كنت تصدّق التلفزيون البحريني الرسمي والموالين له كان لازم عليك بأنْ تُصدّق تلفزيون القذافي ومبارك أيضاً. وبالرغم من ذلك قلنا لكم لا نستبعد حصول نزاعات طائفيّة لكن تعميم الطائفيّة على الجميع يحتاج الى دليل اكبر من مجرّد ظنون وتخيّلات، ولايغيّر من حقيقة ظلم الحكومة البحرينية للغالبية وسلبها لحقوقها السياسية، ولايغير أنّ المطالب كانت سلميّة وسياسية واذا ظهرت بعض الطائفية (فرضا) فهو امّا بسبب الحكومة أو لعبة من ألعاب السياسة الحكومية الخبيثة. ألم تتعلّموا من تجارب تونس ومصر وليبيا بعد؟ فمتى ستتعلّمون اذن؟!
***
اذا خرج المسلمون في مظاهرات الاصلاح والتغيير مكبّرين مهلّلين، فذلك لا يغيّر من أنّ مطالبهم اصلاحيّة وسياسيّة وليست دينيّة، ولكن لو خرج الشيعة في البحرين في مظاهرات الاصلاح والتغيير ينادون (هيهات منّا الذلّة) - وهو الشعار الذي رفعه الامام الحسين بن علي يوم كربلاء - او (على درب الحسين سائرون)، وما شابه من عبارات تميّز الشيعة، اذا خرجوا بهذه النداءات فإنّهم يتحوّلون الى طائفيّين ومطالبهم لا تصبح مطالب سياسيّة بل تتحوّل الى مطالب مذهبيّة طائفيّة مقيته، سبحان الله!!.
شكرا للقراءة..
شكرا لك
ردحذفتابع التدوين