الأربعاء، ٢٧ أكتوبر ٢٠١٠

الطبيعة والدّين.. فكرة بسيطة


الطبيعة والدّين.. فكرة بسيطة
بقلم: علي داود


الطّبيعة هي تلك الميول والرّغبات الموجودة في نفوسنا بشكل طبيعيّ أو كما نقول: بشكل فطريّ. فالسّؤال هنا: هل هناك فاصل بين الدّين والطّبيعة؟ هل الطّبيعة شيء والدّين بأحكامة وقوانينه وتشريعاته شيء آخر؟ على أيّ أساس وضع الدّين تشريعاته ونظام حقوقه؟

نعلم أنّ نظام حقوق الانسان وقوانين عصر التّنوير انبثقت من الطّبيعة هذه. فقد وضع المدافعون عن حقوق البشر والمقنّنون قوانينهم على أساس الطّبيعة الانسانيّة. حيث لاحظوا أنّ هناك مجموعة من الأمور هي حقوق ضروريّة لكل البشر من حيث أنّهم بشر. فهل ما فعلوه خطأ؟ وهل راعى الاسلام في قوانينه هذا المبدأ أم لا؟ وما أهمّية كلّ هذا الكلام أساسا وقبل كلّ شيء؟

الملاحظ أنّ النّاس أصبحوا يعتبرون الدّين بأحكامه وقوانينه شيئا خارجا عن ذواتهم، وكأنّ هذه القوانين وهذه الأحكام تفرض عليهم وهم لا يريدونها.

اعتقادي أنّه لا يوجد فاصل بين الدّين والطّبيعة. فالدّين بأحكامه وتشريعاته هو الطّبيعة. هو الفطرة. هو الرّغبات والميول الموجودة لاشعوريّا في نفوسنا. والحقيقة أنّنا كلّنا نعرف هذا، فلو تامّلنا أنّ:

العبادة بشتّى صورها: الصّلاة، الصّيام، الحجّ،.. الخ هي رغبة انسانيّة عميقة. كلّ منّا يحسّ في أعماق نفسه - ولو بعض الأحيان - بالحاجة الى عبادة الخالق ومناجاته ودعائه والتقرّب اليه. لسنا في حاجة الى أن نأتي بمبرّرات سخيفة لهذه الأمور. لنعد الى الطّبيعة فهي لا تحتاج الى أيّ تبرير أو منطق.

نفقة الزوج على الزوجة لا تحتاج الى مبرّر أكثر من طبيعة الرجل والمرأة. الرّجل بطبيعته يميل الى الانتاج والنّفقة. والمرأة بطبيعتها تميل الى الاستهلاك. حتّى في المجتمع الغربيّ اذا خرج الحبيب مع حبيبته يرى الحبيب أن الانفاق مسؤوليّته. هذه مسؤوليّة طبيعيّة لا غير. أساسها طبيعة الرّجل وطبيعة المرأة.

المهر الذي يقدّمه الرّجل الى المرأة ليس أكثر من عمليّة طبيعيّة دافعها شعور طبيعيّ للرّجل تجاه المرأة: كلّ محبّ يقدّم هديّة لمحبوبه. هذه هي الطّبيعة. والمهر ليس أكثر من هديّة أو نحلة بتعبير القرآن. فالمهر والنّفقة لم يفرضا لأنّ للذّكر مثل حظّ الأنثيين. بل لأنّ هذه قوانين الطّبيعة.

المحبّة والتّعاون والأخلاق أمور نحسّ بالحاجة اليها. هي أمور مغروسة في فطرتنا. نحسّ بنوع من الكمال النفسانيّ المعنويّ عندما نقوم بها. فبالطّبيعة هذه الأمور يريدها كلّ انسان. ولكنّ عندما تكون تربيته غير طبيعيّة أي لا تتوافق وحقوق الانسان الطبيعيّة المتّفق عليها فانّه من غير المستغرب أن لا يريدها مع احساسه في أعماق نفسه بحسنها وجمالها.

حبّ المعرفة والمطالعة وسبر أغوار المجهول حاجة فطريّة. تظهر في الأطفال بصورة شديدة. فالانسان قد يبحث في موضوع ليس لأنّه يشكّ أو يطمع في مصلحة بل لأنّه يريد أن يعرف. فقط يريد أن يعرف. ولو سألته: لماذا تبحث في هذا الموضوع؟ فلن يكون عنده جواب أكثر من: أريد أن أعرف!. كالفضول الذي نشاهده لدى من يريد اكتشاف أعماق البحار والمحيطات لمجرّد الاكتشاف.


الدّين موجود في داخلنا وقريب منّا لدرجة أنّنا نغفل عنه.. ولذلك جاءنا من الخارج على صورة: "فذكّر انّما أنت مذكّر".


شكرا للقراءة
__________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق