الأربعاء، ٢٧ أكتوبر ٢٠١٠

بؤس التشيع - الجزء الثاني


بؤس التشيع - الجزء الثاني
بقلم: علي داود اللواتي

المأتم أولا المسجد ثانيا.. عاشوراء أولا الصلاة ثانيا

لا أفهم حقيقة لماذا فكر أجدادنا عليهم رحمة ربي في بناء مؤسسة منفصلة عن المسجد لاحياء ثورة عاشوراء.. لماذا لم يحتفلوا بثورة عاشوراء في المسجد؟.. هل كانوا يعتقدون أن المسجد لا يناسب اللطم والبكاء مثلا؟.. فكيف اعتقدوا بأنه مناسب في مكان آخر؟!.. أم أن الموضوع متعلق بالدولة الصفوية الشيعية التي أرادت ان تنافس الدولة العثمانية السنية.. هذه بنت المساجد وتلك بنت المآتم تميزا وتنافسا فانتشر العمل من دون اعمال فكر؟! أم أنه لم تكن هناك مساجد للشيعة؟ الله أعلم. المهم أن هذه المؤسسة موجودة الآن، وتقام فيها مختلف المناسبات.

يقول العلم الحديث كما ينقل الدكتور علي الوردي في كتابه (خوارق اللاشعور) أن الكلمات التي يرددها الانسان دائما ولو من دون قصد لمعانيها تنغرس في عقله الباطن أو في لاشعوره وتسيّره وتتحكم فيه وهو لا يدري. يقول: "الواقع ان الكلمات التي نرسلها عفوا هي أعظم في تأثيرها النفسي من البرهان المنطقي الذي نحاول ان نقنع عقولنا به. فالبرهان المنطقي لا يتعدى تأثيره في الغالب حدود العقل الواعي.. أما الكلمات التي نرسلها على البديهة فهي تنغرز بعد تكرارها في اللاشعور وتصبح قوية الأثر في مصيرنا من حيث لا ندري".

الملاحظ في المجتمعات التي تنفصل فيها المؤسسة العاشورائية عن مؤسسة المسجد.. وتذكر فيه آداب المؤسسة العاشورائية أكثر من آداب المسجد.. وتناقش فيه أمور المؤسسة العاشورائية أكثر من أمور المسجد.. الملاحظ أن أبناء مثل هذه المجتمعات لا شعوريا يعطون المؤسسة العاشورائية أكثر أهمية من المسجد، وهم قد يقولون: (لا، نحن نفهم ونعي أن المسجد أولا.. والمأتم ثانيا..)، وقد يتحمس أحدهم ويقول: (أصلا لا يوجد فرق بين المسجد والمأتم فلولا المأتم لما استمر المسجد..)، ولكن الموضوع في عقولهم الباطنة معكوس تماما 
فنجد شريحة كبيرة منهم تتجمع لتنظيف المأتم وتسويده وتعليق اللوائح الخاصة بعاشوراء في المجتمع.. ولكن القليل يظهر أو حتى يفكر في ترتيب مكتبة المسجد مثلا.

هذا الاهتمام اللاشعوري يتجلى بصورة واضحة كذلك في عدد الذين يحضرون يوم العاشر من المحرم الى المؤسسة العاشورائية والذي يكون اكبر بكثير من عدد الذين يحضرون لصلاة العشائين طيلة اسبوع واحد مثلا جماعة في المسجد.. انهم لا شعوريا يعطون يوم عاشوراء اكثر أهمية من الصلاة.. فتجد حتى الذي لم يصل في كامل حياته خمس صلوات يأتي يوم العاشر ليعزي بضعة الهادي عليهما السلام..!! وتجد حتى الذي لا يعرف شكل المسجد من الداخل يأتي ليذرف بدموعه الولائية الصادقة في رداء أم الحسين عليهما السلام.

شكرا للقراءة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق