الجمعة، ١٧ ديسمبر ٢٠١٠

مقدّمة تعريفيّة في علم المنطق - الجزء الأوّل


مقدمة تعريفيّة في علم المنطق - الجزء الأوّل
اعداد: علي داود اللواتي



من أين جاء علم المنطق عند المسلمين؟

علم المنطق ليس علما ولّده فكر علماء المسلمين، بل هو مستورد من الخارج، حيث جاء اليهم من الفكر اليوناني وعلى وجه الخصوص جاءهم من الفيلسوف اليوناني أرسطو، وقد ترجم هذا المنطق عدد من المترجمين الاّ أنّ أهل الخبرة يقولون أن أصحّ وأدقّ التّرجمات هي ترجمة حنين بن اسحاق.

من هو أرسطو؟

أرسطو هو احد أشهر الفلاسفة الغربيين، وهو تلميذ أفلاطون ومعلم الاسكندر الاكبر. ولد في سنة 384 ق.م و توفي سنة 322 ق.م، وقد كتب في مجالات مختلفة منها: الفيزياء والميتافيزيقيا والشعر والمسرح والسياسية وغيرها (1)

هل أرسطو هو واضع علم المنطق؟

أرسطو مؤلّف المنطق و مدوّنه لا واضعه المبتكر لأصله. و قد نقل الشيخ الرئيس ابن سينا في آخر منطق الشفاء عن أرسطو أنه قال: "إنّا ما ورثنا عن من تقدّمنا في الأقيسة إلا ضوابط غير مفصلة، وأمّا تفصيلها، وإفراد كل قياس بشروطه وضروبه و تمييز المنتج عن العقيم إلى غير ذلك من الأحكام، فهو أمر قد كددنا فيه أنفسنا و أسهرنا أعيننا حتى استقام على هذا الأمر. فإن وقع لأحد ممن يأتي بعدنا فيه زيادة أو إصلاح فليصلحه أو خلل فليسده". (2)

فيتبيّن من هذا أن أرسطو ليس هو مؤسس ومبتكر علم المنطق، بل هو مؤلّف ومدوّن علم المنطق، فقبل أرسطو علم المنطق كان موجودا، ولكن لم يكن منظّما، فقام هو بعملية تنظيمه و ترتيبه ليس الا. و يتبيّن أيضا أنه لم يدع أنه أوصل هذا العلم الى قمّته.

هل ورد ذكر أرسطو في الروايات الاسلامية؟

نعم، يروى أن عمرو بن العاص قدم من الإسكندرية على سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسأله عما رأى، فقال: رأيت قوما يتطلسون و يجتمعون حلقا و يذكرون رجلا يقال له أرسطوطاليس لعنه الله. فقال صلوات الله وتسليماته عليه وآله: مه يا عمرو! إن أرسطوطاليس كان نبيّا فجهله قومه. (3)

وقد جاء في جواب سؤالي الذي وجهته لمركز الأبحاث العقائدية عن مدى صحة هذه الرواية مايلي: "الحديث أنفرد بروايته محمد الدّيلمي في محبوب القلوب ص214، وهو مرسل فيكون ضعيفاً، وقد ذكر الدّيلمي أن الفاضل الشهرزوري قال في تاريخ الحكماء: هكذا سمعناه. وعليه فلا يحتجّ بهذا الحديث أصلاً علاوة على أن مذهب أرسطو كان معروفاً وقد ذكره جماعة من شرّاح كتبه، واعتقاده بالله تعالى مخالف لاعتقاد سائر الملّيّين وأهل الديانات السماوية، لأنه يستند إلى فكرة المحرّك الأول الذي لا يتحرك. والله العالم بحقائق الأمور". (4)

و كذلك جاء في كتاب توحيد المفضل في بيان الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام للمفضل بن عمرو الجعفي الدليل لاثبات وجود الله عن طريق الاتقان والصنع في العالم: "و كان لهم - أي لليونانيين - رجل اسمه أرسطاطاليس أثبت لهم وجود الله سبحانه وتعالى عن طريق المحرك الاول". (5) 

كيف ذكر العلماء أرسطو ومنطقه؟

يقول الشيخ الرئيس ابن سينا الذي كتب أضعاف ما كتبه أرسطو في المنطق: "انظروا معاشر المتعلمين هل أتى احد بعده - أي بعد أرسطو - زاد عليه أو أظهر فيه قصورا أو أخذ عليه مأخذا مع طول المدة وبعد العهد؟" (6)

و يقول آية الله السيد روح الله الخميني: "ارسطو بن نيقوماخوس، من أهل اسطاجرا، من كبار فلاسفة العالم، والقوانين المنطقية وقواعد علم الميزان، التي هي أساس كل العلوم، مدينة لجهود هذا الرجل القيّمة. وبسبب وضعه اسس علم المنطق لُقب بالمعلّم الأول، الذي انحنى أمام تعاليمه الشيخ الرئيس ابن سينا، اعجوبة الدهر، إذ يقول ان أحداً لم يعترض حتى الآن على قوانين المنطق التي وضعها ارسطو، كما أحداً لم يستطع نقض آرائه المتينة" (7)

كما يصف الامام الخميني ارسطو بالعظيم، أو بالفيلسوف المعظم، أو الحكيم الجليل، و يصف كتابه اثرلوجيا بالقيّم و بالكتاب الشريف. (8)

و قد جاء في انتقاد منطقه: "منطق أرسطو يريد أن يأخذ عن الأمور صورة ثابتة مطلقة و يعتبرها نهائية. هذا بينما الحياة في حركة متواصلة و الفوتوغرافية لا يمثل من حقيقتها إلا لحظة عابرة". (9)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ارسطو في الموسوعة الحرة ويكيبيديا.
(2) كتاب شرح منظومة السبزواري / الجزء الاول منطق المنظومة / الشيخ حسن زاده آملي / قد يختلف رقم الصفحة باختلاف النسخ الموجودة ففي النسخة الالكترونية الموجودة عندي ص 71 و قد سمعت الأستاذ السيد كمال الحيدري في درسه ص 62.
(3) كتاب محبوب القلوب للديلمي كما سمعت من الأستاذ كمال الحيدري.
(4) السؤال والجواب موجود في بريدي الالكتروني.
(5) الدرس الأول في علم المنطق للأستاذ الحيدري علما بأني أنا قرأت كتاب توحيد المفضل كاملا و لا أذكر أني وجدت اسم أرسطاطاليس الا في: (و كان أرسطاطاليس ردّ عليهم فقال: إن الذي يكون بالعرض و الاتفاق إنما هو شيء يأتي في الفرط مرة لأعراض تعرض للطبيعة فتزيلها عن سبيلها و ليس بمنزلة الأمور الطبيعية الجارية على شكل واحد جريا دائما متتابعا) فربما هناك نسخ مختلفة.
(6) الدرس الأول في علم المنطق للأستاذ الحيدري.
(7) كشف الأسرار ص34.
(8) الامام الخميني آداب الصلاة بسعي السيد أحمد الفهري، ص329.
(9) مرجعية المرحلة ص98 نقلا من حتى لا تكون فتنة (كتاب مرجعية المرحلة و غبار التغيير) تحت المجهر لنجيب مروة ص87.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق