مقدّمة تعريفيّة في الفلسفة الالهيّة - الجزء الثاني
اعداد: علي داود اللواتي
ما هو موضوع الفلسفة الالهيّة؟
الفلسفة بمعنى الالهيات هي دراسة الموجود بما هو موجود، فموضوع الفلسفة هو الموجود بما هو موجود، و توضيح ذلك هو: أنه تارة يكون محور البحث هو الموجود من حيث هو جسم، كما في العلوم الطبيعية (الفيزياء)، و تارة يكون الموجود من حيث هو عدد، كما في الرياضيات، و لكن اذا كان محور البحث هو الموجود من حيث هو موجود فقط نكون قد دخلنا في الفلسفة بمعنى الالهيات. أي اذا تناولنا ما تشترك فيه جميع الموجودات كالأزلية و القدم و الحدوث و الوجوب و الامكان، نكون قد دخلنا في الفلسفة بمعنى الالهيات.
ما الغاية من دراستنا للفلسفة؟
الغاية الأولى: تمييز الموجودات الحقيقية عن غير الحقيقية.
الغاية الثانية: اثبات العلة الأولى، فالفلسفة تسلّحنا برؤية كونيّة توحيديّة، تبرهن على وجود الله و صفاته، و تحدّد لنا موقع الانسان في عوالم الوجود.
الغاية الثانية: اثبات العلة الأولى، فالفلسفة تسلّحنا برؤية كونيّة توحيديّة، تبرهن على وجود الله و صفاته، و تحدّد لنا موقع الانسان في عوالم الوجود.
ما هي أهم المدارس (أو الاتجاهات) الفلسفية في الاسلام؟
أ - المدرسة المشّائية:
و هي المدرسة التي تستند الى البرهان العقلي في التدليل على مطالبها. اما تسميتها بالمشائية فمنسوبة، كما يقال، للفيلسوف الذي كان يدرّس الفلسفة ماشيا. فان أرسطو الذي تنسب له هذه المدرسة كان يدرس تلامذته ماشيا. فعبّر عن مدرسته بالمدرسة المشائية، و الفلاسفة المسلمون الذين اتبعوه هم: الكندي، و الفارابي، و ابن سينا، و ابن رشد، ممن اشتهروا بالفلاسفة المشائين، و أبرزهم هو الشيخ الرئيس ابن سينا، و الذي يعرف برئيس المشائين في الاسلام، و ينتمي لهذه المدرسة معظم الفلاسفة في دنيا الاسلام، و لهذه المدرسة تراث و مؤلفات كثيرة أشهرها كتاب الشفاء لابن سينا.
ب - المدرسة الاشراقيّة:
مؤسسها هو شيخ الاشراق شهاب الدين السهرودي، الذي قتل في حلب سنة 587 هجرية، و هو في عمر لم يتجاوز 38 سنة. و ربما توغّل بعض الباحثين عميقا في التاريخ فوجد منابع الهام المدرسة الاشراقية في تراث أفلاطون و مدرسة الاسكندرية و الأفلاطونيّة الجديدة. وترى المدرسة الاشراقية ان المعرفة تحصل عبر اشراقها على النفس، وبذلك تمتاز مدرسة شيخ الاشراق عن سابقتها، فان منهج المدرسة المشائية يستند الى النظر و البرهان و اعمال العقل، فهي حكمة استدلالية، بينما منهج المدرسة الاشراقية يبتني على تجلية النفس و صقلها، لكي تشرق عليها المعارف، فتكون كالمرآة المصقولة، و الوصول للحقيقة انما يكون من خلال الارتياض و مجاهدة النفس و الكشف و ليس من خلال العقل، فهي حكمة ذوقيّة تستند الى الذوق والاشراق.
ج - مدرسة الحكمة المتعالية:
مؤسسها هو الفيلسوف محمد ابراهيم القوامي الشيرازي المعروف بصدر الدين و صدر المتألهين و ملا صدرا، المتوفى سنة 1050 هجرية في طريقه للحج بالبصرة. و من المؤسف أن صدر المتألهين ظلّ مجهولا على نطاق واسع بين دارسي الفلسفة خارج الحوزات العلمية، بالرغم من أنه (أحد الكبار المجهولين في التاريخ) حسب تعبير أحد الباحثين الغربيين... ان فلسفة صدر المتألهين كما يقول الشهيد مرتضى المطهري هي ملتقى لأربعة طرق، أي توجد اربع قنوات تغذيها، و تندرج و تتوحد فيها، و هي: الفلسفة المشائية، و الاشراقية، و العرفان النظري، و علم الكلام. و لم يقتصر دور ملا صدرا على المزج المبسط لهذه المناهج، و انما عمل على دمج مكونات هذه المناهج و بناء معالم مدرسة جديدة، هي مدرسة الحكمة المتعالية، التي تلتقي مع مدرسة المشائين بالاستناد الى البرهان، مثلما تلتقي مع المدرسة الاشراقية، لأنها تقول ان الكشف يمكن أن يوصل الى الحقيقة، و هي تستلهم من منابع الوحي و تراث النبوة و أهل البيت عليهم السلام. (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مبادئ الفلسفة الاسلامية / الجزء الأول / عبدر الجبار الرفاعي / دار الهادي / ص 83 - 85.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق