السبت، ١٤ ديسمبر ٢٠١٣

خربشات حداثية (الجزء الثاني)

خربشات حداثية
 
(3) أصول الدين
 
معلومٌ أنّ ما يُسمى بأصول الدين الإسلامي هي من وضع المتديّنين أنفسهم، بمعنى أنهم استخرجوها من النصوص الدينية المُعتبَرة لديهم، كما أن بعض هذه الأصول كأصل العدل الإلهي وُضع لأسبابٍ تاريخيةٍ بحتة، وممّا لا شكّ فيه أن أصولا ثلاثة على الأقل لا يمكن أن يكون المرء مسلمًا دون الإيمان بها: التوحيد والنبوة والمعاد، وأقول "ممّا لا شك فيه" لأن هذه الأصول بمعناها العام على الأقل واضحة وصريحة جدا في النصوص الدينية الإسلامية. ولكن ما يعنيني هنا هو انه اليوم هل يمكن الإكتفاء بالبحث في هذه الأصول الثلاث لنُثبت الإيمان أو الإسلام؟
 
اليوم وبشكل عام لم يعد كثير من المتعلمين والعُقلاء يهتمون بالتعقيدات الفلسفية والكلامية التي كان يهتم بها السابقون من قبيل الحسن والقبح الذاتي أو العقلي، حيث اتجهوا الى الإهتمام بمواضيع كالحرية والحقوق والواجبات والعلم والمدنية والحداثة وما بعد الحداثة والمعنوية وغيرها من المفاهيم التي انبثقت من عصر التنوير الأوروبي وتركت تأثيرها في كل أرجاء الأرض ومختلف الثقافات. فاليوم لا يمكن الإكتفاء بهذه الأصول التي حددها السابقون وفقا لظروفهم التاريخية للإيمان وتثبيته تثبيتا تاما، ولابد من الحديث عن مفاهيم أخرى جديدة أيضا.
 
(4) المرجعية الدينية
 
أن ترجع للمختص في ما لا تعلمه أمر بديهي وطبيعي جدا، فالحديث عن مرجعية في علوم الدين والعبادات لمن يهتم بها يجب أن يكون أمر بديهي وطبيعي أيضا، ولكن المشكلة تكمن في أنه هل يُؤخذ بكلام المرجع الديني من دون سؤال؟
 
التعليم المتقدم والحداثة تركت فينا صفة السؤال عما لا نعلم، حتى مع المختص، فعندما نذهب للطبيب في حالة المرض مثلا ليُشخص حالتنا المرضية ويحدد لنا دواءً، لا نتركه إلا بعد كمًّا من الأسئلة عن العوارض الجانبية ومدة المرض والوقاية وأي خطورة مستقبلية، وعند عدم الحصول على فائدة نراجعه مرة اخرى وربما مع بعض التوبيخ، وإذا لم تتحقق أية فائدة حتى بعد ذلك نُغير الطبيب بطبيبٍ أخر.
 
يحلو لمؤيدي تقليد المرجعية ذكر مثال الطبيب والمريض دائما، ولكنهم يتجاهلون كيف يتعامل المريض المتعلم اليوم مع الطبيب!
 
شكرا للقراءة
علي داود اللواتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق